استكشاف تاريخ العلا رحلة سحرية في مدينة التراث الثقافي في المملكة
استكشاف تاريخ العلا رحلة سحرية في مدينة التراث الثقافي في المملكة
يعد تاريخ العلا حافلًا بأحداثه وبما مرّت به هذه المدينة العريقة قديمًا، فنجد أنها كانت موجودة منذ عصورٍ قديمة، وهذا ما أعطاها مكانةً تاريخيةً يتمجّد بها سكانها منذ القِدمِ إلى اليوم، كما تشير الآثار التي تمتلكها مدينة العلا إلى تاريخها القديم، وتشير إلى الشعوب القديمة التي عاشت في المدينة، ويحاول علماء الآثار إلى اليوم اكتشاف المزيد عن تاريخ مدينة العلا، ونحن اليوم في صدد التعرف على جزءٍ بسيط من تاريخ هذه المدينة، فتابعوا معي المقالة.
يعود تاريخ تأسيس مدينة العلا إلى القرن السادس قبل الميلاد، وقد كانت تسمى بمدينة ديدان، وكانت المدينة عبارة عن واحة تمتلك تربةً خصبةً، بالإضافة إلى الموارد الطبيعية، وكانت المدينة صلة وصل لطريق تجاري مهم يصل شبه الجزيرة العربية ومصر حتى الهند.
وغالبًا قد يكون تاريخ تأسيس مدينة ديدان بنفس تاريخ تأسيس مملكة لحيان الموجودة شمال مدينة العلا، وقد حكم اللحيانيون شمال العلا في القرن الثاني قبل الميلاد، واستمر حمكهم حتى القرن الخامس قبل الميلاد. كما شهدت مملكة ديدان تطورًا في حكمها، حيث توسعت المملكة أكثر بعد القرن السادس قبل الميلاد.
تعد العلا أحد مدن المملكة العربية السعودية، والواقعة على الجهة الشمالية الغربية من المملكة، فهي مدينة تاريخية وتراثية تتباهى بها المملكة أمام العالم، وتمتلك مدينة العلا تضاريسًا طبيعية متنوعةً، من أبرزها الأودية الخصبة فيها، فكانت الشعوب قديمًا تستفيد من هذه الخيرات والموارد الموجودة فيها، كما كانت مدينة العلا تمتلك موقعًا جغرافيًا مهمًا للغاية، حيث كانت جزءً مهمًا من إحدى الطرق التجارية التي تمرّ منها قافلات البضائع، وهو طريق البخور المشهور، وكان الطريق يمتدّ من جنوب شبه الجزيرة العربية إلى ما بعد مصر.
وتشتهر اليوم مدينة العلا بامتلاكها أبرز المعالم والمناطق الأثرية التي يعود تاريخها لآلاف السنين، فهناك نجد مملكة ددان التاريخية ومملكة لحيان، وهما مملكتان كانتا تقود تجارة القوافل، كما أن موقع الحِجر التراثي لا يقل أهميّةً تاريخيةً عن غيره، حيث كان يعد العاصمة الجنوبية للمملكة النبطية، ونجد هناك المنحوتات التي تركها شعبها قديمًا على واجهات الصخور.
ولا يمكن الاستغناء عن ذكر البلدة القديمة في صدد الحديث عن تاريخ العلا، التي تتميز شوراعها الضيقة والمنازل الطينية القديمة المتقاربة من بعضها، وقد كان أهالي مدينة العلا قديمًا يتمتعون بالخيرات التي تعطيهم إياها واحات النخيل وبعض العيون المائية، ومن هذه الموارد الطبيعية نكتشف جزءً من الثروة الطبيعية التي كانت مدينة العلا تتغنى بها منذ آلاف السنين.
تمتلك مدينة العلا الكثير من الآثار التاريخية القديمة، حيث تعود إلى ما يزيد عن ٣٠٠ عامًا ما قبل الميلاد، فمنها القطع الأثرية القديمة، وحتى مدنًا كبيرةً يعود تاريخ تأسيسها إلى آلاف السنين، ومن أبرز هذه الآثار:
وتسمى اليوم باسم "الحِجر"، وهي منطقة تقع في الوجهة الشمالية الشرقية من مدينة العلا، وهي المنطقة التي عاش فيها قوم ثمود الذين ذُكروا في القرآن الكريم، الذين لم يستجيبوا لدعوة نبي الله صالح عليه السلام، كما أنهم قاموا بعقر الناقة التي بعثها الله لهم. ويعد من أشهر المناطق التاريخية لمدينة العلا، حيث كانت هذه المنطقة واقعة على الطريق التجاري من شبه الجزيرة العربية إلى مصر والشام وحتى الهند. وتمتلك هذه المنطقة العديد من الآثار التاريخية القديمة، منها النقوش الصخرية والأماكن التي كانت تُتّخذ للعبادة قديمًا، بالإضافة إلى الآثار العائدة إلى المملكة اللحيانية، وأخرى تركها قوم ثمود، وآثار للنبطيين أيضًا. كما يوجد في هذه المنطقة قبورًا عديدة يصل عددها إلى ١٣١ قبرًا قديمًا يعود تاريخها من السنة الأولى قبل الميلاد إلى عام ٧٥ ميلاديًا، وتتميز هذه القبور بتصميمها الإبداعي الذي يظهر اهتمام من بناها بالموتى وقبورهم.
تعد الخريبة أحد أبرز الآثار التاريخية لمدينة العلا، وهي عبارة عن حوض كبير، ويُعتقد أن ناقة صالح عليه السلام كانت تحلب فيه، ولكن علماء الآثار قالوا أن الخريبة عبارة عن أحد بقايا المعبد اللحياني القديم وأنه ليس محلبًا لناقة صالح.
تقع الطنطورة في جنوب البلدة القديمة، وهي عبارة عن ساعة شمسية تأخذ شكلًا هرميًا، وكانت تستخدم لمعرفة أوقات بداية الفصول، بالاعتماد على حجر موضوع أمام الهرم، ويتحرك ظل الساعة الشمسية بحسب الفصل، ففي فصل الشتاء يصل ظل الساعة إلى الحجر، وهذا يدل على دخول أول يوم من فصل الشتاء، ولا يصل الظل إلى الحجر مرةً أخرى إلا في السنة التالية.
وهو عبارة عن مكان يستخدم للعبادة، ويعود عهده إلى شعوب الأنباط، وهو عبارة عن غرفة مستطيلة غير منتظمة، حيث تم نحت هذه الغرفة داخل إحدى الصخور، وكانت الشعوب القديمة تستخدم مجلس السلطان لممارسة الطقوس الدينية.
تعد غراميل العلا أحد المعالم التاريخية القديمة، وهي عبارة عن تكوينات صخرية تشكلت عبر العصور القديمة بفعل الرياح، مما أعطاها شكلًا طبيعيًا رائعًا، وتقع غراميل العلا في إحدى المناطق الجبلية في مدينة العلا.
تعد حرة عويرض من أهم الآثار التاريخية والتكوينات الطبيعية التي شهدتها مدينة العلا في العصور القديمة، فهي عبارة عن صخرة كبيرة تشكلت بسبب البراكين المنصهرة، وتقع حرة عويرض في منطقة مرتفعة تصل إلى ٦٠٠ قدم عن سطح الأرض، ولا زال إلى اليوم تحتوي هذه الصخرة على عدة فتحات بركانية، وتعد هذه الصخرة أحد أبرز المحميات الطبيعية في العلا.
تضم مدينة العلا جبالًا عديدة وقديمة، من أبرزها جبل عكمة، ويقع هذا الجبل في الجهة الشمالية الغربية لمدينة العلا، ويتميز الجبل بلونه الذي يميل إلى اللون الأحمر، ويضم عددًا من النقوش التي نحتتها الشعوب القديمة بالإضافة إلى الكتابات المختلفة التي تشير إلى نمط الحياة القديمة، ونجد هذه النقوش والكتابات على واجهات الصخور وعلى المنحدرات، حيث يعود تاريخها إلى حضارة اللحيان القدماء في القرن السادس ما قبل الميلاد، كما يضم الجبل عدة نقوش يعود تاريخها إلى العصر الإسلامي، أي تحديدًا في عام ٢٤ هجري.
إلى جانب جبل عكمة التاريخي، يقع جبل آخر في مدينة العلا، وهو أحد الآثار التاريخية فيها، وهو عبارة عن صخرة عالية يصل ارتفاعها إلى ٥٠ مترًا عن الأرض، ويعود سبب تسميته بهذا الاسم لشبهه بحيوان الفيل، وقد تشكل هذا الجبل الشهير منذ سنين بعيدة جدًا، وذلك بفعل عوامل النحت الطبيعية، ويحيط بالجبل عدة جبال أخرى متميزة بألوانها.
في الختام، هناك الكثير من الأحداث والآثار التي تدفعنا نحو اكتشاف تاريخ العلا، فما تم ذكره إلا جزء صغير من التاريخ القديم التي تتمتع به مدينة العلا، ويمكنك اكتشاف المزيد بزيارة المدينة، لتشاهد آثارها وتضاريسها التي تتحدث عن عراقة وحضارة المدينة.
تعرف ايضا علي : مزارات مكة التاريخية .
اترك تعليقًا
لن يتم نشر بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية عليها علامة