لقد أمر الله عباده المسلمين المستطيعين بأداء فريضة الحج كما في قوله تعالى: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليه سبيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين»، وجاءت السنة النبوية توضح فضل الحج والعمرة وكيفية أداء مناسك الحج، فقال صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".
كما قال صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق يرجع كيوم ولدته أمه»
أنواع الحج
و أنواع الحج 3 كالتالي:
الأول الحج مفردًا: وَهُوَ الذي لا يكون معه عُمْرَة، قبله أو بعده.
الثاني الحج متمتعًا: وَهُوَ أن يُحرمَ المسلمُ بالعُمْرَة وحدها مِن الميقات الذي يمر عليه، في أشهر الحج (شوال وذي القعدة وعشر ذي الحجة)، ثم يبقى بَمكَّة حتى يأتي اليوم الثامن مِن ذي الحجة (يوم التروية)، فيُحْرِمُ مِن مكانه بالحج.
الثالث الحج قارنًا: وَهُوَ أن يُحرِمَ المسلمُ مِن الميقات بالعُمْرَة والحج معًا.
الإحرامُ بأحَدِ هذه المناسك يكون مِن الميقات بأن يقول المسلمُ: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ)، ويُسَمي النُّسُكَ الذي اختاره، وذلك بعد أن يغتسلَ الرَّجُلُ ويتجردَ مِن ثيابه ويلبس إزارًا ورداءً.و في مقالنا هذا سوف نتحدث عن مناسك الحج بالترتيب :
مناسك الحج بالترتيب:
في السطور التالية نتحدث عن مناسك الحج، وبيان حكم كل منسك؛ فمنها ما هو ركن، ومنها ما هو واجب، ومنها المسنون، وتوضيح ذلك على النحو الآتي:
الإحرام
الاحرام هو اول مناسك الحج و هو أن ينوي الحاج الإحرام -الدخول في نسك الحج- بِقَلبِهِ، مستحضرًا النية لذلك.
سبب تسميته بالإحرام
لأن الحاج بمجرّد الدخول فيه يحرّم عليه أمورًا كانت محللة له، وقد تعددت آراء الفقهاء في حكم التلبية عند الإحرام بين الاستحباب والفرضيّة، والمشهور عند جمهور العلماء القول باستحبابها.
الميقات الزماني للحج:
علي الحاج أن يحرم في أشهر الحج، وهي: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وأعمال الحج تكون في الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة
الميقات المكاني للإحرام كالآتي:
·ميقات أهل المدينة: ذو الحليفة.
·ميقات أهل الشام والمغرب ومصر: الجحفة.
·ميقات أهل اليمن: السعديّة.
طواف القدوم
طواف القدوم سنّة من سنن الحج وهو ضمن مناسك الحج ، ويسمى بطواف الورود، وطواف الوارد، وطواف التحيّة؛ لأنه شُرع للقادم من غير مكة المكرمة، ويبدأ طواف القدوم بدخول الحاج إلى مكة المكرمة، وذلك لتحيّة البيت العتيق، وآخر وقته الوقوف بعرفة عند جمهور الفقهاء، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ الله عَنْهَا-: (أنَّ أَوَّلَ شيءٍ بَدَأَ به حِينَ قَدِمَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ).
السعي
هو احد مناسك الحج و هو ركن من أركان الحج بحسب أقوال كل من المذهب المالكي، والشافعي، والحنبلي، وذهب الحنفية إلى سُنّية السعي، بحيث لا يترتب على الحاج بتركه دم -ذبح هدي-، و اجمع الجمهور إلى أن الشرط في السعي إتمام سبعة أشواط، قال -تعالى-: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا).
يوم التروية
هو احد مناسك الحج و يصادف يوم التروية اليوم الثامن من ذي الحجة، ويستحب للحاج أن يخرج من مكة المكرمة إلى منى في يوم التروية، فيُصَلِّي بِمِنى خَمْسَ صلواتٍ هي: الظُّهْرُ، وَالْعَصْرُ، وَالْمَغْرِبُ، وَالْعِشَاءُ، وَالْفَجْرُ، وذلك باتفاق الأئمة الأربعة،ويبيت بها ليلة عرفة، و بعد ذلك يسير الحجاج من منى إلى عرفة سيرًا على الأقدام بعد طلوع شمس عرفة، وهو سنّة عند الجمهور.
الوقوف بعرفة
ان الوقوف بعرفة هو احد مناسك الحج و هو ركنٌ من أركان الحج لا يتمّ الحج إلّا به، وذلك باتّفاق الأئمّة الأربعة ، وقد جاء في فضل هذا اليوم عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ الله عَنْهَا-: (أَنَّ رَسُول -اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ، فَيَقُول: مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ).
شروط الوقوف بعرفة :
وللوقوف بعرفة شرطان متّفق عليهما، وهما:
الوقت: ويوافق اليوم التاسع من ذي الحجّة وليلة العاشر من ذي الحجّة إلى طلوع الفجر، فمن فاته يوم عرفة أو تأخّر عنه فقد فاته الحج، واتفق العلماء في أنّ طلوع فجر يوم النحر هو وقت انتهاء الوقوف بعرفة.
·خطبة عرفة: وتكون بعد الزوال، وهي خطبتان يُفصل بينهما جلسة خفيفة.
·الجمع بين الصلاتين: وتكون بين صلاة الظهر والعصر في وقت الظهر.
·التعجيل في الوقوف: فإذا ما جمع الحاج صلاتي الظهر والعصر في وقت الظهر، يسنّ له تعجيل المسير إلى الموقف.
·الإفاضة بعد الغروب: فاذا غربت شمس عرفة أفاض الناس والإمام، فمن وجد فرجة فليسرع في المشي.
المبيت بمزدلفة
هو احد مناسك الحج و تقع مزدلفة ما بين مأزمي عرفة؛ والمأزم هو الطريق بين الجبلين، وقرب مُحسّر يمينًا وشمالًا، متوسطة ما بين عرفة ومنى، وفي هيئة مشية الحاج إلى مزدلفة؛ فتكون في سكينة ووقار، ويسرع إذا ما وجد فرجة، و اجتمعت الآراء إلى جواز تأخير صلاتيّ المغرب والعشاء لأدائهما في مزدلفة،
حكم التغيب عن المبيت في مزدلفة قولين، وهما كما يأتي:
·إن ترك الحاج المبيت بمزدلفة صحّ حجّه، لكن عليه دم -ذبح الهدي-.
·إن حضر مزدلفة في النصف الثاني من الليل وأقام فيها قلّت المدة أو كثرت حصل المبيت.
هي احد مناسك الحج لا غني عنها كما تسمّى بالجمرة الكبرى، وتقع في آخر منى تجاه مكة، واتّفق الفقهاء على أنّ رمي الجمرات واجب من واجبات الحج، وتُرمى في الأماكن الخاصة للرمي، وتُرمى هذه الجمرات من جميع الجهات.
هناك ثلاث أسباب فالهدي إما أن يكون هدي تطوّع، أو هدي تمتع أو قران، أو لجبر نقصان ما، ووقت ذبح الهدي يكون حسب سبب ذبح الهدي.
التحلل من الإحرام
هو احد مناسك الحج ويُراد بذلك الخروج من الإحرام، كما ان له قسمان هما:
التحلل الأصغر: ويتحقق بفعل ما يأتي عند الفقهاء:
·المذهب الشافعي والحنبلي: يحصل برمي جمرة العقبة، والنحر، والحلق أو التقصير، وبهذا التحلل يحل للحاج كل شيء سوى النساء.
·المذهب الحنفي: يحصل برمي الجمرة، والحلق، والتقصير، وبهذا يحل للحاج كل شيء عدا النساء.
التحلل الأكبر: وبهذا التحلل يباح جميع المحظورات الإحرام دون استثناء، ويبدأ وقت التحلل عند المذاهب حسب ما يأتي:
·المذهب الحنفي والمالكي: طلوع فجر يوم النحر، ويحصل هذا التحلل بطواف الإفاضة بشرط الحلق أو التقصير، إلّا أن المالكيّة زادوا السعي قبل الطواف.
·المذهب الشافعي والحنبلي: في منتصف ليلة النحر، ويحصل باستكمال أفعال التحلل من رمي جمرة العقبة، والحلق، وطواف الإفاضة المسبوق بالسعي.
طواف الإفاضة
وقت طواف الإفاضة ويسمّى بطواف الزيارة؛ وهو احد مناسك الحج كما انه ركن من أركان الحج باتّفاق المذاهب الأربعة، والمطلوب هو سبعة أشواط بحسب جمهور العلماء، بينما قال الحنفيّة إن الركن المطلوب هو أداء أربعة أشواط فقط، وقد تعددت الآراء الفقهية في وقت طواف الإفاضة
رمي الجمرات
احد مناسك الحج التي لا غني عنها حيث اتّفق الفقهاء على أنّ رمي الجمرات واجب من واجبات الحج، ومن تركها يلزمه دم -ذبح هدي- لتركه واجباً من واجبات الحج، والجمرات ثلاثة، وهي:
الجمرة الأولى: وهي أول جمرة، وتقع بعد مسجد الخيف في منى، وهي أبعد الجمرات عن مكة المكرمة، وترمى بسبع حصيات متعاقبات.
الجمرة الثانية: بعد الجمرة الأولى وقبل جمرة العقبة، ترمى بسبع حصيات، مع التكبير مع رمي كل حصاة.
الجمرة الثالثة: وهي جمرة العقبة، تُرمى بسبع حصيات، ويقوم الحاج بالتكبير مع كل حصاة.
طواف الوداع
يسمّى طواف الصّدر، وطواف آخر العهد، وسبب تسميته بذلك لأن الحاج يودّع به البيت الحرام، وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه واجب، ووقته يكون عقب انتهاء الحاج من جميع مناسك الحج، وأي طواف يفعله الحاج بعد طواف الزيارة يُجْزِئ عن طواف الوداع.
عدد أيام الحج هما ستة أيام ويرتبط كل يوم من هذه الأيام لأداء مناسك محدد ويكون لكل يوم اسم معروف بيه
ما حكم من أخلّ بترتيب مناسك الحج؟
لا يجوز للحاج التغيير في ترتيب مناسك الحج؛ ودليل ذلك حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من أدرَكَ معَنا هذهِ الصَّلاةَ وأتى عرفاتَ قبلَ ذلِكَ ليلًا أو نَهارًا فقد تمَّ حجُّهُ وقَضى تَفثَهُ)
اترك تعليقًا
لن يتم نشر بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية عليها علامة